روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | تاريخنا.. الهجري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > تاريخنا.. الهجري


  تاريخنا.. الهجري
     عدد مرات المشاهدة: 2143        عدد مرات الإرسال: 0

عندما يَذكُر المسلم التاريخ الهجري، ويَخُطُّه بيمينه، ويرتبط به معتزًّا؛ فإنما يدل ذلك على وعيه وإدراكه لما يعنيه هذا التاريخ في واقع الأمر، وما يمثله بالنسبة إليه، وأثره على الإنسانية جميعًا.

فليس هذا التاريخ أرقامًا تُكْتَب، أو حُروفًا تُسطر؛ وإنما هو المجد الذي بدأ حيث بَدَأ هذا التاريخ، والنور الذي سطع مع بزوغ فَجْرِهِ، والبناء الذي شيدت أُولى لبناته مع خطوات الهجرة المُباركة، حيث قام للإسلام دولةٌ، وللإيمان قوةٌ وسط بحر الجاهلية المُدْلَهِمّ.

فمن هذه الهِجْرة المباركة بدأت خطوة أُمَّة الإسلام، وانطلقت مسيرتها إلى قيادة البشرية وهدايتها إلى الصراط المستقيم، والنور المبين بتحمُّلها الأمانة، بعد أن أفلست الأمم الأخرى، فكانت هذه الأُمَّة قائدةً لِلنَّاس، وشاهدةً عليْهِم، وكانتِ الهجرة إيذانًا بالتطبيق العملي لأحكام الإسلام على الواقع المشهود لِلنَّاس، في ظِلّ دولَتِه الرشيدة.

ومن هُنا تبدو عظمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعُمْق نظره، عندما اختار هذا الحدث بداية للتاريخ الهجري دون بقية الأحداث الأخرى.

والناظر اليوم إلى واقع كثيرٍ من البلاد الإسلامية، يجد الإهمالَ والتجافي، وغضَّ الطرف عن هذا التاريخ، وعدمَ الاعْتِداد به في معاملاتها، ومُراسلاتها، ولا تكاد تذكره، وإذا ذكرتْهُ كان في الذيل والمؤخرة، وعلى استحياء، مُقدِّمةً عليه غيْرَه من تواريخَ، لا شأن لأمة الإسلام بها، ولا ترتبط معها بذِكْرى، أو حادثة مهمة، أو تاريخ؛ وإنما هو رمز لأمم مخالفة لها اليوم الصدارةُ، والغلبةُ في الوَضْع العالمي فحسب.

ولا تَخْفَى خُطورة هذا الاتجاه والهدف منه عند من يحاول تعميمه، وإشاعته بصفته وضعًا عالميًّا عامًّا لا مَفَرّ منه؛ لما له من أثر خطير في تَمْيِيع شخصية الأمَّة المسلمة، وتميزها، وطَمْس معالمها، وربطها بالأمم العالمية مسايرةً للواقع العالمي، الذي تبنَّى ما تبنَّى من أفكار، واختار ما اختار من رُموز ناشئة عن عقائدَ، ومثل، وقيم تُخَالِف رموز وقيم ومبادئ هذه الأمة.

وحقًّا: إن هذا الاتجاه- وإن كان عامًّا شائعًا- لا يمثله إلا فئة قليلة، رضعت لبن الاستعْمار والاستشراق، وتربَّت في أحضانهما، فكانت ظِلَّهُما البغيض، وممثِّلَهما المقيم، ولسانهما الناطق، فتَبَنَّتْ ما يقولان، ومن أهمه فصل الأمة الإسلامية عن ماضيها المجيد بشتى السبل والوسائل، وصَرْف نظرها إلى واقع تلك الأمم المسيطرة؛ لِتَأْخُذَ من فُتاتِها، وتعيش على موائدها.

وإذا كانت الدول المصطَنعة المفروضة- كدولة يهود- مِمَّن لا تاريخ لها يُعْتَدُّ به، أو مجْدٌ يُعْتَزّ به، تتعلَّق بِخُيوط العنكبوت حتى تحيي تاريخًا غابرًا عفا عليه الزمن؛ لتُخْرِجَهُ من المتاحف التاريخية، وتتعامل معه، وتفرضه على الوَاقع، فكيف يصِحُّ لأُمة الإسلام ذاتِ التاريخ الذي يطاول السماء، ويمشي أثرُهُ في عروق البشرية هدًى ونورًا، وقد حَمَلَتْ أمانة الدعوة إلى الله، وهداية الإنسان إلى طريق الفلاح في الدنيا والآخرة، فكيف يَصِحُّ لأُمَّةٍ هذا بَعْضُ شأْنِها أن تتغاضَى عن ذلك، في سبيل أُمَمِيّة عالمية، وتبعية ذليلة؛ لتصبح عددًا من الأعداد، وذَنَبًا من الأذناب؟!

وإذا كانت هذه الدولة- أعزَّها الله- قد انتبهت إلى هذا، فأصدرت أوامرها بضرورة الالتزام بِالتاريخ الهجريّ في كافَّة المُخاطبات الرسمية، فإنَّنا نأمُل في خطوة أخرى مكمِّلة، وهي إلزام الشركات والمؤسسات بما التزمت به الدولة، ومحاسبتها على تقصيرها ما دامت تعيش في بلد الهجرة، وترعى خيرات أرضها... حتى يبلُغَ ذلك الأمرُ أثرَهُ المحمودَ، ويصل غايته التي قُصد من أجلها.

الكاتب: عبدالله بن إبراهيم الهويش.

المصدر: موقع الألوكة.